سوريا بين شيعة حمورابي والأمم المتحدة ..!

عندما قننت القوانين لأول مرة على هذه الأرض كانت بمثابة خط أحمر لايمكن لأي أحد تخطيه فعاشت الشعوب في رخاء وسلام ولما انقلبت موازين العدل وارتفعت نسبة الظلم والجور سلبت الحقوق وانتشر الفساد وعم الكساد وطغت الديكتاتورية على جميع مناحي الحياة .. كانت شريعة حمورابي أقدم الشرائع المكتوبة على وجه الارض ميثاقاً غليظاً وعهدا قاطعا لايمكن نقضه وكانت جل موادها تدافع عن الحق وتردع الظلم ولو أن فيها مواداً شاذة لايقبلها الإسلام ولكنها تخفف من وطأة الظلم المستبد ، عندما أذكر هذه الشريعة الغابرة فإنني أمهد للكلام عن ميثاق الأمم المتحدة التي قامت على أنقاض عصبة الأمم بعيد الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء عام 1945م . والتي كانت مواثيقها ومعاهداتها تتقارب نوعا ما مع مواثيق ومعاهدات حمورابي. فتنفس العالم الصعداء فرحاً بمولد هذه المنظمة الجديدة التي ستعيد السلام للأرض بعد حروب مدمرة . وفي هذا القرن الجديد الذكي بإمكاناته الإقتصادية والتقنية والتمدن السريع والتحضر الطاغي نجد أن قانون الغاب يطبق بحذافيره وبتقنية عالية فلم يعد رجل الغاب ذاك الأشعث الأغبر الذي أمسك بعصا غليظة أو رمح مثقف ليفرض أوامره بالقوة . بل أصبح رجل اليوم في أجمل أناقة وأبهى صورة وأمسك بزر واحد يستطيع به أن يبيد جمعا غفيرا من البشر وأن يفرض سلطته دون رادع يردعه . ومسألة إبادة شعب ليس بالأمر الصعب في ذهن الدكتاتور المتحضر ومافعله بشار بشعبه لايخرج عن دائرة العلو في الأرض والطغيان الفرعوني الهمجي . وتحت أنظار العالم المتحضر نجد السفاح البعثي يفسد في الشام فيذبح أبناءها ويستحيي نسائها ويستبيح أموالهم ..فيصمت العالم ذاك الصمت الرهيب الذي يعطي بشارا متسعاً من الوقت ليبيد ما تبقى من الشعب الأعزل . وبمرأى من الأمم المتحدة يباد الأبرياء بالسلاح الكيماوي الفتاك فيأتي الرد على إستحياء من العالم المتمدن  بوجوب وقف حمام الدم السوري ، كان بإمكان الأمم المتحدة وهي أقوى هيئة عالمية اليوم أن توقف النظام السوري وتعاقبه بناء على المادة الثانية والأربعون تحت الفصل السابع من ميثاقها ولكن الواقع يقول أن إنفراد أمريكا بالقرار الآحادي أضعف الدور الأممي وجعله تابعا لإملاءات الكونجرس الأمريكي وأضحت دولا عظمى كأمريكا وروسيا والصين تتصرف لوحدها خارج إطار الأمم المتحدة مما يعني شرخا في دستور الهيئة الذي ينص على جعل قوات الأعضاء تحت تصرف الهيئة . كانت مواد حمورابي إلزامية بحيث لايستطيع الملوك تغييرها ولاحتى أن يتفرد أحدهم بسلطة تعلو سلطة حمورابي ولم يكن يسمح للشفاعة والإحتجاج كما هو معمول به اليوم تحت مسمى حق النقض أو الفيتو الذي يعتبر أكبر عار في العالم اليوم ، وتنص إحدى مواد حمورابي على إحلال السلم في مدينة تعرض شعبها للإرهاب أو القتل أو تهديد الأمن القومي. إن إنسحاب بريطانيا وفرنسا عن تأييد الأمريكان وتردد الرئيس الأمريكي وتواطؤ الروس مع النظام السوري والإلتفاف على قرار الأمم المتحدة أعطى الوقت لبشار لإطالة مدى الحرب على الشعب السوري . وقرار تفكيك السلاح الكيماوي ماهو إلا توطئة روسية مرسومة لبشار كي ينهي ولايته التي تنتهي مطلع 2014م بشكل رسمي ويتمتع بحصانة مدى الحياة حال تنازل عن الترشح  لولاية أخرى أو الإستمرار وبيده الورقة الروسية .

هيئة الأمم المتحدة ثبت فشلها بشكل قطعي وهي بالكاد لاتقوم بدورها كما تنص مواثيقها. ولاننسى مطالبات الدول بتعديل وتصحيح هذا الهيئة ومعالجة مشاكلها لكي تسهم جميعها  بالنهوض بهذه الهيئة للعمل على إحلال السلام  ..

ربما أننا في هذا القرن العشريني المتحضر مطالبون بتطبيق شريعة حمورابي بما فيها موادها وأحكامها المهلكة . إذ لا وجود لحق النقض ولا لقرارت فردية . في النهاية  كانت عصبة الأمم قائمة فأمست رمادا وقامت فوق رمادها هيئة الأمم المتحدة فأضحت رمادا فوق رماد. والعزاء الوحيد للشعب السوري أن الجيش الحر لايزال متماسكا كي يطبق بنفسه شريعة حمورابي على رأس العصابة البعثية بشار ونظامه . ودمتم سالمين

سطام العضياني