بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 فبراير 2011

الشهاب الضاوي في الرد على يوسف قرضاوي

يقول تعالى (يا أيها الذين آمنو أطيعو الله وأطيعو الرسول و أولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر).
ان من البلايا والرزايا التي اصيب بها المسلمون والعرب مايحدث في هذه الايام من خروج على الحكام وشق عصا طاعتهم ومافيها من فتن عظيمة وجسيمة تجر ويلاتها على المسلمين ومن أصل البلاء خروج بعض الدعاة والائمة ممن ينادون بالخروج ونزع يد الطاعة ومنازعة الامر اهله
 وقد ملئت صفحات التاريخ بمثل هذه الفتن التي كادت في بعض أحايينها أن تؤدي الى زوال أمة بأكملها والخروج على الحاكم كبيرة من الكبائر وذنب عظيم قال الإمام الشوكاني : ( ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد ، بل كم ورد في الحديث : أن يأخذ بيده ويخل به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله وقد قدمنا في أول كتاب السيرة أنه لا يجوز الخروج على الأئمة وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة ولم يظهر منهم الكفر) البواح…(4/556 ) وقال أبو جعفر الطحاوي : (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمرنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله مالم يأمرونا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والعافية)
وقال ابن رجب الحنبلي : ( وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ووجوب إعزازهم في طاعة الله ، ومعاونتهم على الحق وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ولين ومجانية الوثوق عليهم ،والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأخيار على ذلك )جامع العلوم والحكم1/222...قال الإمام النووي : ( لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام )شرح صحيح مسلم (12/195) و قال الشيخ بن باز رحمه الله تعالى : (لا يجوز منازعة ولاة الأمور والخروج عليهم لأنه يسبب مفاسداً كبيرةً وشراً عظيماً وإذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان فلا بأس أن يخرجوا أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه ، بل ويجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ).وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ( إذا كان الحاكم كافراً وكان المسلمون جماعة ولا يستطيعون إزالته فلا يجوز والحال هذه أن يتحرشوا به لأنه يعود عليهم بالضرر والإبادة وهو منهج النبي صلى الله عليه وسلم في مكة )..وروى الترمذي وغيره عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ قَالَتْ -وفيه قالت سَمِعْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا أَقَامَ لَكُمْ كِتَابَ اللَّهِ. قال الترمذي حديث حسن صحيح وصححه الالياني ورواه احمد والطبراني في معجمه باسناد آخر يقويه ...هذه الادلة الصحيحة تحرم وتجرم الخروج على الحاكم مالم يرى منه كفراً بواحاً وروعيت أيضا في وجود حاكم كافر الخروج عليه في حال ضعف جماعة المسلمين وغلبة الظن على هلكتهم إن خرجوا عليه ...ويحدثنا التاريخ عن فتنة خلق القرأن في عهد الخليفة العباسي المأمون والتي دعا الناس الى القول بها ووافقه كثير من الناس إما خوفاً أو تزلفاً اليه وكذلك وافقه كثير من القضاة والعلماء وعارضه أشد المعارضة إمام اهل السنة احمد بن حنبل رحمه الله يقول عنه أبو جعفر الأنباري : لمَّا حُمِلَ الإمام أحمد بن حنبل إلى المأمون أُخْبِرتُ فعبرتُ الفُرات ، فإذا هو جالس في الخان ، فسلمتُ عليه ، فقال : يا أبا جعفر تعنَّيْت ؟ فقلتُ : ليس هذا عناء .وقلتُ له : يا هذا أنت اليوم رأس الناس ، والناس يقتدون بكم ، فو الله لئن أجبتَ ليُجيبُنَّ بإجابتك خلقٌ كثير من خلقِ الله تعالى ، وإنْ أنتَ لم تُجِبْ ليمتنِعُنَّ خلقٌ مِنَ الناس كثير ، ومع هذا فإنَّ الرجل إنْ لم يقتلك فإنَّك تموت ، ولابدَّ مِنْ الموت ، فاتَّـقِ الله ولا تُجيبهم إلى شيء .فجعل أحمد يبكي ويقول : ما شاء الله ، ما شاء الله . ثم سار أحمد إلى المأمون فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إنْ لم يُجبه إلى القول بخلقِ القرآن ، فـتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أنْ لا يجمع بـيـنه وبين الخليفة ، فبينما هو في الطريق قبل وصوله إلى الخليفة إذ جاءه الخبر بموت المأمون ، فَرُدَّ الإمام أحمد إلى بغداد وحُبِس ، ثم تولَّى الخلافة المعتصم ، فامتحن الإمام أحمد ... وتعرض للجلد والحبس والإقصاء زمن المعتصم ولازال بن حنبل على طريقته متمسكا بها لايحيد عنها حتى ولي بعد الواثق الذي نفى ابن حنبل وضيق عليه الى ان جاء المتوكل الذي خالف ماكان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد ، وطعن عليهم فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن ، ونهى عن الجدال والمناظرة في الأداء ، وعاقب عليه ، وأمر بإظهار الرواية للحديث ، فأظهر الله به السُـنَّـة ، وأمات به البدعة ، وكشف عن الخلق تلك الغُمَّـة ، وأنار به تلك الظُلمة ، وأطلق من كان اعـتُـقِـلَ بسبب القول بخلق القرآن ، ورفع المحنـة عن الناس ...
فالمدرك أن احمد بن حنبل وجل العلماء امثاله والقضاة لم يخرجوا على الخلفاء او يدعوا الى الخروج ونزع يد الطاعة على ماكان منهم من فساد الاعتقاد بل حفظوا الدين وحفظوا أرواح كانت ستنتهك لو خرج الامام احمد عليهم ..

ومن ثم في هذا الزمان يجيء رجل اسمه يوسف القرضاوي والذي اطلق عليه رئيس الاتحاد العالمي للمسلمين !! ولست أدري من نصبه ومن هم المسلمون المتحدين ؟؟ .. وقد أناب رافضي عدو لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته ضوان الله المدعو أية الله علي تسخيري وإباضي آخر إسمه احمد الخليلي وأسس اتحادهم في لندن بلد الكفر !! فإذ به يؤلب المسلمين على الحاكم ويدعوا الى المظاهرات والخروج عليه وشق عصا الطاعة مستدلاً في خطبته يوم الجمعة في ميدان التحرير بأحاديث ضعيفة تساير هواه وهوى من هم على شاكلته متجاهلاً الأحاديث الصحيحة التي تؤكد السمع والطاعة لولي الامر وإن كان فاسقاً  وقال مستدلاً : حديث رواه طارق بن شهاب البجلي رضي الله عنه : أن رجلاً سأل التبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز: أي الجهاد أفضل ؟ فقال : كلمة حق عند سلطان جائر. ثم يمهر القرضاوي بقوله سنده صحيح ثم يستدل القرضاوي بحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قام إلى إمام جائر . فأمره ونهاه فقتله. .. ثم يستدرك القرضاوي بقوله ( وجعل ابن القيم هذا النوع من الجهاد ثلاث مراتب: باليد ثم باللسان ثم بالقلب حسب الاستطاعة ولو بحث القرضاوي بغير عناء لوجد قول ابن القيم في إعلام الموقعين مانصه ( فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ماهو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لايسوغ إنكاره وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر) أ.هـ ...والقرضاوي من المحرضين للخروج على الحاكم مشابهاً في ذلك بكثير من الخوارج من أمثال عمران بن حطان والسبئية وخوارج العراقين الذين ألبوا الناس للخروج على الخلفاء ولانرميه بنعت الخارجي الا اذا اعتقد معتقدهم وسلك طريقهم . وكيف له ينسى او يتجاهل الحديث الذي رواه الترمذي: عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ: «إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟». قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ إِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ. فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا. وَ إِيَّاكُمْ وَ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّو عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ>> وكيف له ان يتجاهل حديث عبادة بن الصامت قال: « بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم» رواه البخاري ..
وخروج الشعب المصري له نزعة دنيوية بمطالب أسموها ديموقراطية أو حكم الشعب نفسه بنفسه وهذا مما لاشك فيه لعاقل تعارض صارخ لشرع الله تعالى لإن التشريع خاص لله وحده بل الامر شورى بين المسلمين  وهم لم يطلبوا أو يرفعوا شعاراً فيه المطالبة بشرع إسلامي أو إقامة حدود معطلة أو الحكم بما أنزل الله ولكنها مطالب ذات طابع دنيوي مما يقلل من شأن القضية التي هي أصلاً خروجا عن الشرع القويم ..ونداء القرضاوي لحكام العرب والمسلمين فيه تحريض لخروج شعوبهم عليهم وكأنه قد عايش هذه الدول أو له ولاية عليهم ... وتأييده للمنتحر التونسي الذي قتل نفسه وأنه من المتقين والله يقول ( ولاتقتلوا أنفسكم ) .. وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله فيمن قتل نفسه لقاء مايلاقيه من ضغوط نفسية وحياتية وإضطهاد فقال رحمه الله : الانتحار منكر عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، لا يجوز للمسلم أن ينتحر، يقول الله عز وجل: ..وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) سورة النساء، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، فالواجب على المؤمن التصبر والتحمل إذا حصل عليه نكبة ومشقة في دنياه، أن لا يعجل في قتل نفسه، بل يحذر ذلك ويتقي الله ويتصبر ويأخذ بالأسباب، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. وإذا قتل نفسه فقد تعرض لغضب الله وعقابه، وهو تحت مشيئة الله؛ لأن قتل النفس دون الشرك، والله يقول سبحانه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.. (48) سورة النساء..... فمن سوغ للقرضاوي قول هذا ..
 قال عنه الشيخ الالباني رحمه الله : يوسف القرضاوى دراسته أزهرية وليست دراسة منهجية على الكتاب والسنة ، وهو يفتى الناس بفتاوى تخالف الشريعة وله فلسفة خطيرة جداً ...
فمن باب اولى على القرضاوي وقد أستامنه الناس على الفتيا في قطر وغيرها من الاقطار الاسلامية أن يتبصر في الدين وفي استنباط الاحكام والرجوع الى القرأن الكريم والسنة الشريفة والاعتماد على صحيح الاحاديث وحفظ كلمة المسلمين ولو كان قد نفي خارج مصر ثلاثون عاما فهذا ليس مسوغاً له أن يؤلب المسلمين على ولي أمرهم والزج بسفهاء القوم وأدعيائهم في محن الفتنة وظلماتها وماسببته تلك الفتنة العظيمة من إنعدام الامن وتقطع السبل عليهم وتعطيل الشرائع وتعطيل الحياة اليومية لهم .. وكان جديراً به وهو محط أنظار المسلمين أن يتحوط قبل أن يتفوه وأن يتتبع الطريق القويم كما تتبعه من قبله أحمد بن حنبل وغيره من حماة الدين ..

نسأل الله للقرضاوي الهداية والصلاح والرجوع الى جادة الحق وعفا الله عنه وعن المسلمين والحمد لله رب العالمين ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة