بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 يناير 2012

مرزوق بن تنباك ووأد البنات !

الحمد لله حمداً يليق بذكره وجلاله نحمده ربنا ونستيعنه ونستهديه ونصلي ونسلم على نبيه ومصطفاه من خلقه محمد صلى الله عليه وسلم  .. وبعد


قام الباحث في جامعة الملك سعود الدكتور : مرزوق بن تنباك بتأليف كتاب بعنوان "الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة" هو بالأحرى بحث عن صحة وحقيقة وأد البنات في الجاهلية وإرجاعها الى التراث الشعبي وتضمينها كأسطورة خيالية تداولت الأجيال أخبارها مصدقة تلك المزاعم ..وفي حقيقة الأمر ماذهب إليه الدكتور مرزوق يعد إجتهاداً منه إذا علمنا أن الحديث المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وأد إبنته لم تثبت صحته لعدم وجود وثبوت إسناد لهذا الحديث فلا يصح :أنه رضي الله عنه كان جالساً مع بعض أصحابه ، إذ ضحك قليلاً ، ثم بكى ، فسأله مَن حضر ، فقال : كنا في الجاهلية نصنع صنماً من العجوة ، فنعبده ، ثم نأكله ، وهذا سبب ضحكي ، أما بكائي ، فلأنه كانت لي ابنة ، فأردت وأدها ، فأخذتها معي ، وحفرت لها حفرة ، فصارت تنفض التراب عن لحيتي ، فدفنتها حية .. فلم تأتي الصحاح ولا الأسانيد بذكر هذا الحديث صحيحاً أو حسناً ولا حتى كتب التاريخ علاوة على أن قريش لم تشتهر بوأد البنات قطعاً وكذلك بني عدي قوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه  .. ومن ثم للحديث الذي رواه عبدالزراق عن طريق السماك بن حرب قَالَ : سَمِعْتَ النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ ، يَقُولُ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ : (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سئلت) ، قَالَ: جَاءَ قَيْسُ بن عَاصِمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنِّي وَأَدَتُ ثَمَانِيَ بناتٍ لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، قَالَ : أَعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا رَقَبَةً . قُلْتُ : إِنِّي صَاحِبُ إِبِلٍ ، قَالَ : اهْدِ إِنْ شِئْتَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَدَنَةً . ذَكره ابن كثير . . وصححه الألباني .. فلو كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأد إبنته لكان من باب أولى أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سأله قيس في كفارة من يئد في الجاهلية والصحابة هم أتقى الخلق لله وأخوفهم منه وأحرصهم على ذلك ..ومايدل أن الوأد قديماً وليس وقفاً على العرب في الجاهلية  فحسب . وهذا ماذهب إليه الدكتور مرزوق بن تنباك ولكن لاننكر أبداً وجود الوأد في الجاهلية وحصولها مصداقاً لقول الله تعالى ( وإذا المؤودة سئلت ) ... ولانقول بإنكار ابن تنباك لهذه الآية والعياذ بالله أن نرمي مسلماً بمثل هذا .. وماذكره بن كثير في تفسيره لأية  ( وإذا الموؤدة سئلت )
وقد وردت أحاديث تتعلق بالموءودة فقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني أبو الأسود وهو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة قالت : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس وهو يقول : [ لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم ولا يضر أولادهم ذلك شيئا ] ثم سألوه عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوأد الخفي وهو الموءودة سئلت [ ورواه مسلم من حديث أبي عبد الرحمن المقري وهو عبد الله بن يزيد عن سعيد بن أبي أيوب ورواه أيضا ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن إسحاق السيلحيني عن يحيى بن أيوب ورواه مسلم أيضا و أبو داود والترمذي والنسائي من حديث مالك بن أنس ثلاثتهم عن أبي الأسود به . أ . هـ ...
فالدكتور مرزوق بن تنباك إجتهد وبحث ووقف على الأخبار وهذا أمر يشكر عليه لإيضاح ماخفي على الناس طيلة قرون مضت حتى وقتنا الحاضر...  ولكن على النقيض من مقولة بن تنباك . تتوارد الأخبار عن صعصعة بن ناجية بن عقال وهو جد الشاعر الأموي الفرزدق  والذي يقال أنه فدى المؤودات في الجاهلية ويشنع على من قتلهن وينهاهم وقيل أنه احيا ألف مؤودة في الجاهلية .. ولو وقفنا على ألف مؤودة لعلمنا أن عادة الوأد ظاهرة في الجاهلية هذا حسب ماساقته الأخبار وماساقه  الرواة  تواتراً عن صعصعة بن ناجية التميمي ... وقد افتخر الفرزدق بفاخر بقومه وبجده جريراً حين قال :
                ومنا الذي منع الوائدات * وأحيا الوئيد فلم توءد
ومن هذا المنظور الذي ذكرت يتبين لنا أن قصة الوأد الموهومة لدى ابن تنباك ليست إلا إجتهاداً منه  وقوله أنه لم  يذكر في كتاب الله نصاً صريحاً أن العرب تئد بناتهم ...

تحية مقدمة للدكتور مرزوق بن تنباك على بحثه واجتهاده ولعله يفتح باباً مشرعا لايوصد في سبيل الإستزادة من البحوث والتغلغل في كثير من الأخبار المشابهة التي سلمنا بها وسلم بها من قبلنا ...
ودمتم بخير وعافية بحول الله وفضله ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة